samedi 31 décembre 2016

قراءة في نتائج التوجيه المدرسي 2014 – 2015


قراءة في نتائج التوجيه المدرسي 2014 – 2015
- الواقع والمعالجات -


     شملت عملية التوجيه المدرسي هذه السنة 85332 تلميذ في مستوى السنة الأولى و81000 تلميذ في الثانية . والملاحظة التي تسترعي الإنتباه مباشرة هنا وبشكل مفزع أيضا هي ارتفاع نسبة الهدر في المستويين وخاصة في السنة الأولى وذلك باعتبار عدد المسجلين بها والذي بلغ 113967 بما يعني عدم نجاح 28635 تلميذ أي بنسبة رسوب تبلغ 25.11 %  ، أي ربع التلاميذ يعجزون عن النجاح في هذا المستوى . وبنسبة أقل في السنة الثانية تبلغ 14.24  %اعتبارا لكون مجموع المرسمين هو في حدود 94458 . ولئن عكست عملية النجاح في هذين المستويين كل هذه الصعوبات التي يعيدها الباحثون أساسا إلى التقلبات التي تعرفها لغة التدريس من المرحلة الإعدادية إلى الثانوية ، فإنها تنبؤ بما هو أعقد في مجال التوجيه المدرسي .       
* في مستوى السنة الأولى ثانوي :
- بالتمعن في النسب الوطنية حسب المسالك تبدو نسب 17.42  %في الآداب و44.25  % في العلوم و10.25 % في تكنولوجيا الإعلامية و28.08 % في مسلك الإقتصاد والخدمات ، تبدو مقبولة نسبيا في الآداب والعلوم ، لكن منخرمة كثيرا في الإعلامية بالنقص وفي الإقتصاد بالتضخم . فهذا المسلك الأخير يستوعب قرابة ثلث التلاميذ لوحده ، وما يوازي ثلاثة أضعاف مسلك تكنولوجيا الإعلامية وأكثر من مرة ونصف مسلك الآداب .... وهذا كله غير معقول .
- وعلى مستوى التوزيع الجنسي هنالك محافظة على بعض الكلاسيكيات التي باتت معهودة حاليا في منظومتنا التربوية مثل التأنيث المفرط لاختصاص الآداب وبدرجة أقل الإقتصاد والخدمات . وبدأت الظاهرة تمتد إلى مسلك العلوم الذي فاق فيه عدد  الإناث عدد الذكور هو أيضا .

جدول :
      الإختيار
الجنس  
مجموع المسالك  والنسبة المائوية
المجموع العام
ذكور
%
إناث
%
العدد
%
1
30073
40.23
44678
59.77
74751
87.61
2
2253
40.22
3348
59.78
5601
6.56
3
781
45.14
949
54.86
1730
2.02
4
1381
42.49
1869
57.51
3250
3.81
الجملة
34488
40.42
50844
59.58
85332
100

- أما على مستوى ترتيب الإختيارات فتبدو الغلبة كبيرة جدا للإختيار الأول الذي يحتضن 87.61 % من التلاميذ ، وهو ما يعني في جانبه الإيجابي استجابة المجالس بشكل عام لرغبات التلاميذ والتزاما بترتيب هذه الرغبات ، أما السلبي فيبدو في انحسار تدخل هذه المجالس في تعديل رغبات التلاميذ والتزامهم بظاهر النص المدرج في منشور التوجيه المدرسي دون اجتهاد ودون وعي حقيقي بطبيعة عمل المجلس وبدوره في إدارة عملية التوجيه .
* في مستوى السنة الثانية ثانوي :  
وضعها يعكس في جانب كبير منه ما لوحظ في مستوى السنة الأولى باعتبار تواصل الوضع الدراسي لجميع المسالك بما يمهد لنفس القراءة ، باستثناء مسلك العلوم الذي ينقسم في هذا المستوى إلى شعب الرياضيات والعلوم التجريبية والعلوم التقنية . وسنتابع هذه الشعب أكثر في ما يلي من ملاحظاتنا .
- فعلى مستوى متغير الجنس تبدو صفة التأنيث قد لحقت أيضا بشعبة العلوم التجريبية التي تجاوز فيها عدد الإناث ثلاثة أضعاف عدد الذكور ، ومرد ذلك عندنا ارتباط مستقبل هذه الشعبة بالمهن الطبية وشبه الطبية التي تجد إقبالا كبيرا من طرف الفتيات . بينما تبدو الوضعية أقل حدة نسبيا في الرياضيات حيث لا تتجاوز نسبة البنات نسبة الذكور إلا بخمس نقاط بينما تنعكس الوضعية في شعبة العلوم التقنية حيث قارب الذكور ضعف عدد الإناث . ومع ذلك يبدو إقبال البنات على شعبة التقنية في تطور هام جدا ، إذ صاروا يمثلون ثلث مجموع تلاميذ هذه الشعبة .
- على مستوى ترتيب الإختيارات ، يبدو التفوق بشكل كبير للإختيار الأول بالأساس بما يحيل لنفس ملاحظاتنا السابقة في المسألة حول الإستعداد في المجالس لتلبية رغبات التلاميذ ، ومهما كانت قيمتها أحيانا ، وذلك للتنصل من المسؤولية وتحميلها كاملة للتلميذ ووليه . وفي ذلك إحتماء بالنص القانوني وتفسير سطحي جدا ومحدود لمنشور التوجيه المدرسي .
ولئن بدت الرغبة الثانية هامة نسبيا أيضا فإن ما يجلب الإنتباه خاصة هو حضور الإختيار الخامس خاصة بالنسبة للذكور وبأعداد هامة في شعبتي الرياضيات والعلوم التقنية والإقتصاد والتصرف . وهذا الإختيار هو وثيق الصلة بإعادة التوجيه المعترض على التوجيه الأصلي ويعكس مدى اقبال التلاميذ على الإستفادة من هذه الإمكانية لإنعاش اختياراتهم وتثبيت تمكينهم من رغباتهم المفضلة في هذه الإختصاصات . 
أما في مستوى السنة الأولى فالحضور مكثف أيضا ولافت للإنتباه للإختيار الرابع . وهذا لا يمكن تصنيفه ، حسب رأينا ، كرغبة إذ هو آخر ما يفكر فيه التلميذ أو لنقل ما لا يحبه ولا يرغب فيه ، باستثناء بعض الحالات النادرة التي يخطأ فيها التلميذ الإختيار كليا . لكن هو كثيرا ما يكون قد ألزم به وفرض عليه من طرف المجلس الذي أضطر لتوجيهه هذه الوجهة لأنه غير قابل للتوجيه بالمقاييس المعمول بها في المجالس وذلك باعتبار مستواه الضعيف في جميع المواد المميزة . وهذه نقطة سلبية في نظام توجيهنا الذي يضطر أحيانا إلى توجيه من هو غير قابل للتوجيه إلى هذه الإختيارات المطروحة ، فقط لأنه تحصل على المعدل أو وصل إلى دائرة الإسعاف بدعم من مواد غير مميزة ، مؤثرة في المعدل العام ولكن غير دالة على المؤهلات والإمكانيات التي يبنى عليها توجيه ناجح . ومع ذلك يضطر إليه المجلس ، أو هو يعمد إليه أحيانا لخلق توازنات إحصائية بين الشعب هو مطالب بالتظاهر بها ، أو لضمان وجود هذا الإختصاص بالمعهد وعدم اندثاره بسبب عزوف التلاميذ عنه . وهذا يدفع إلى مراجعات عميقة وملحة للمسألة تدعم مزيد تنويع الإختصاصات حتى تستجيب لملمح أي تلميذ .
- أما إذا نظرنا في توزيع الإختصاصات حسب الجهات في مستوى السنة الأولى مثلا فيمكن أن نسجل عديد الملاحظات الهامة أيضا ، ومنها :
- نصف المندوبيات تجاوزت بها نسبة التوجيه للآداب المعدل العام المسجل أي 17.42 % وهي تزيد عن 20  %مثلا في كل من القيروان ، المهدية ، باجة ، سليانة ، سيدي بوزيد ، قفصة ، الكاف ، تطاوين والقصرين حيث ثلث التلاميذ تقريبا مرسمين بشعبة الآداب . بينما لا تزيد هذه النسبة عن 10% بتونس 1 و 12%  بتونس 2 وبالمنستير ، وهي تنزل إلى 9.88%  بصفاقس 1 و9.79  %بصفاقس 2 . بينما يتجاوز الإقبال على المسلك العلمي نصف التلاميذ بهذه المندوبيات الأخيرة : ( صفاقس1 : 56.30  %، المنستير : 51.18 %، صفاقس 2 : 50.63 %... ) أو هو يقترب منه . وهو ينزل إلى حدود 34%  و35 و36 و37 % بالمائة بمندوبيات زغوان وسليانة والقصرين وسيدي بوزيد وتطاوين ... الخ تضاف إلى ذلك منوبة والقيروان وباجة والمهدية التي بقيت جميعها في دائرة 38  %.
وهذا التمايز بين الجهات في مستوى التعليم الثانوي سيتواصل بالتأكيد في التعليم العالي ويمكن أن يترتب عنه انخرام كبير أيضا في مستوى توزع الإختصاصات المهنية فيما بعد .
- في مسلك تكنولوجيا الإعلامية ، نصف المندوبيات أيضا لم تبلغ نسبة الموجهين بها إلى هذا الإختصاص المعدل الوطني العام أي 10.25%  وأرفعها بجندوبة حيث تصل إلى 18.72  %بينما تنزل هذه النسبة إلى حدود 4.89%  بسوسة و5.98  %بصفاقس 2 و5.13 % بصفاقس 1 . وهذه المعطيات تبرز موقفا صار محترزا من هذا الإختصاص أو نابذا له بدأ يتسع لدى التلاميذ إلى درجة أن عديد المعاهد بكل المندوبيات تقريبا بدأ ينقرض منها هذا المسلك . فالمتفهم من التلاميذ للطبيعة العلمية لهذا الإختصاص يفضل التوجه مباشرة إلى المسلك العلمي الذي لا يحرمه في التعليم العالي من تخصصات جاذبة أخرى ، ويمكن أن يعيده إلى الإعلامية إن إمتنعت عنه هذه الإختصاصات المفضلة .
- أما الإرتفاع المهول في الإقبال على مسلك الإقتصاد والخدمات فهو يتكثف في عديد الجهات ليتجاوز هذا المعدل الوطني العام المقدر ب28.08 % بأربعة عشر مندوبية تجاوزت النسبة 30   %في عشرة منها على وجه التحديد ليبلغ أقصاها 34.72%  بزغوان وأزيد من 33  %في كل من تونس 1 ومنوبة وبنزرت .
نلاحظ اختلالا كبيرا في توزيع الإختصاصات حسب الجهات : هناك تضخم كبير في مسلكي الآداب والإقتصاد ، مقابل عزوف عن الإعلامية وعن الإختصاصات العلمية بشكل عام . وهو ما سيبرز بجلاء في مستوى السنة الثانية حيث ينقسم المسلك العلمي إلى ثلاثة شعب مخففة هي الرياضيات والعلوم التجريبية والعلوم التقنية ، بينما تتواصل نفس الحالة المتضخمة منذ السنة الأولى في بقية الإختصاصات .
ولذلك نجد نصيب الرياضيات في السنة الثانية 12.29%  وعلوم التقنية 15.01%  ليتساويا مع شعبة الإقتصاد والتصرف منفردة ( 27.53  %) . وداخل هذا المسلك العلمي ذاته تبدو الكفة مرجحة للعلوم التجريبية التي تصل النسبة فيها إلى 20.65  %. وهذا الإقبال مفهوم أيضا لدى التلاميذ باعتبار هذه الشعبة تمكن في التعليم العالي من الإلتحاق بالإختصاصات الطبية وشبه الطبية وهو مطمح الكثير حاليا ، حتى وإن كانت شعبة الرياضيات لا تحرمهم من ذلك . والمحصلة ، لا واحد من جميع هذه الإختصاصات يوازي الإقتصاد والتصرف وجاوزت العلوم التجريبية الآداب وبقي نصيب البقية هزيل جدا .
أما إذا نظرنا إلى التوزيع الجهوي لهذه الشعب نلاحظ أن المعدل الوطني في شعبة الرياضيات الذي هو 12.29%  لم يقع بلوغه إلا في عشر مندوبيات فقط أقصاها جاوز 19%  بتونس 1 وأريانة و18.56%  بصفاقس 1 ، وأدناها 4.92%  بتوزر و5.91%  بقبلي وأزيد من 7  %بسليانة وتطاوين وأزيد من 8%  بباجة وسيدي بوزيد والقيروان .....  وإذا أردنا أن نقوم باستنتاجات بعيدة نقول أن فوارق الواقع التنموي المختل والوضع الإجتماعي المتوتر بسبب البطالة بين هذه الجهات المذكورة يعود في جانب كبير منه إلى هذا الإختلال التربوي الواضح . بل إن نظام التوجيه المدرسي ، حسب المعطيات الجهوية السابقة ، يزكي التمايزات الإجتماعية المستفحلة بتونس ويعيد إنتاجها . لتتكرس الحضوة التي تتمتع بها بعض الجهات وبعض الشرائح أيضا والطبقات على حساب الجهات الداخلية أساسا التي عانت كثيرا من هذا الإختلال الإجتماعي المستفحل وكذلك على حساب الشرائح والطبقات الضعيفة .  
أما في العلوم التجريبية فالنسبة الأضخم نجدها بقفصة 26.03  %وبتونس 1 وصفاقس 1 أزيد من 24  %بقليل لتقترب منها بعد ذلك مندوبيات مثل أريانة والكاف وقابس ومدنين بأزيد من 23  %. أما النسبة الأضخم على الإطلاق فهي بقبلي حيث بلغت 30.08  % مقابل 5.91  %في الرياضيات و3.58  %في الإعلامية بهذه المندوبية  .
ووضعية الإختلال نجدها أيضا في شعبة العلوم التقنية التي بلغت نسبة التوجيه لها 15.01%  . لكنها نسبة غير محققة إلا في نصف الجهات أيضا وأقصاها بتوزر والمنستير بأكثر من 21%  تليها جندوبة بأكثر من 19  %وقبلي وسوسة بأكثر من 18 % . أما أدناها فهي تزيد عن 7 % بقليل بكل من أريانة والقصرين ثم أزيد من 8  %بتونس 1 .
الإستنتاجات واقتراحات المعالجة :  
1 – لمعالجة المستوى العام والتخفيف من نسبة الهدر في مستوى السنة الأولى نرى ضرورة مراجعة التعلمات وحسم مسألة لغة التدريس في هذا المستوى بالتناسق مع المستويات السابقة
2 – في نفس اتجاه هذه المعالجة أيضا نرى ضرورة التخلي عن اختيار الإنجاح بالإسعاف في مستوى سنتي التوجيه على الأقل ، أي الأولى والثانية حتى لا نضطر إلى توجيه من لا وجهة له .
3 – فيما يخص عملية التوجيه المدرسي نقترح المعالجات التالية :
أ – تطوير التربية على الإختيار عبر تكثيف الإتصال بالتلاميذ من طرف المسؤولين على التوجيه وتنويع الأنشطة لذلك ، بما يستدعي زمنا خاصا للتوجيه المدرسي والجامعي ، وكذلك عبر إدراج أنشطة خصوصية ضمن التعلمات يقوم بها أساتذة المواد مثل برمجة نصوص وحصص انتاج كتابي وأنشطة حوارية على علاقة بالمشروع الدراسي والمهني وبالإختيار ... الخ ، في مادتي العربية والفرنسية ، وإدراج محور خاص بالحياة التربوية في مادة التربية المدنية .
ب – التخلي عن التدرج من المسالك إلى الشعب باعتباره غير مجدي ، ومقتطع من تصور عام قديم وقع التخلي عنه منذ انطلاقه ومع ذلك يقع التمسك به في مسلك العلوم فقط  بشكل غير مقنع ويحرم تلاميذه من سنة تخصص إضافية مثل بقية زملائهم .....
ج – التخلي أيضا عن التمييز بين شعبتي الرياضيات والعلوم التجريبية لأنه يبدو غير مقنع أيضا باعتبار وحدة المنشأ والتشابه الكبير في الآفاق باستثناء بعض الإختلاف في النسب .
ح – التخلي عن التخصص في تكنولوجيا الإعلامية للتوجيه الجامعي في التعليم العالي ، والحرص على تعميم دراسة الإعلامية والتعامل مع الرقميات ومع الحاسوب في مستوى التعلمات على جميع المستويات ...   
خ – الحرص على التوازن الفعلي بين الإختصاصات وربط ذلك بمصلحة البلاد العليا وباختياراتها التنموية ، وذلك بضبط نسب محددة لكل اختصاص وجعلها محل تناظر ومنافسة بين التلاميذ وفق صيغ ومقاييس معلنة للجميع ومضبوطة بدقة على غرار ما هو معمول به في التعليم العالي ...
د – إدراج تخصصات دراسية أخرى أو إعادة العمل بتخصصات تقنية وصناعية قديمة بما يمكن من الإستجابة لمؤهلات وميول جميع التلاميذ والتنسيق في ذلك مع وزارة التكوين المهني وغيرها من المؤسسات المعنية ...
ذ – تطوير عمل مجالس التوجيه المدرسي بمراجعة أدوار مختلف الفاعلين فيه وخاصة الأساتذة المكلفين بالتوجيه بالمعاهد ومستشاري التوجيه ... والمراجعة الجذرية الفاعلة للتنظيم المهني والإداري للتوجيه المدرسي والجامعي .
ه – مراجعة التعلمات في اختصاص الإقتصاد والتصرف بما يفتح أمام تلاميذه فرصا إضافية في التوجيه الجامعي ، ويصحح تصورهم لهذا الإختصاص ويعقلن إقبالهم عليه .

إعداد :  محمد رحومة
مستشار عام في الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي
المندوبية الجهوية للتربية بقابس – مارس 2016 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire