من زخم الإنتظارات إلى إكراهات الواقع
التخطيط
§ تمهيد : الشباب
الجامعي : حاجيات ومشاغل
1 – معنى الحياة الجامعية
أ
– التعريف
ب
– أهداف الحياة المدرسية
ج
– خصوصيات الحياة المدرسية
*
جوانب الشخصية المستفيدة من الحياة الجامعية
أ
- الجانب المعرفي
ب
- الجانب الوجداني
ج
- الجانب المهاري
2 – واقع الحياة الجامعية
أ
– ظروف الطالب وتفاعلاتها
ب
– خصوصيات الفضاء الجامعي
* ملاحظات أكاديمية إضافية
3 – الحلول ومجالات التطوير
أ
– المسؤوليات العامة
* الآليات الضامنة للتواصل
الموفق
ب
– ما يستوجب على الطالب ؟
خاتمة
تمهيد
- تتأكد حاجة الشباب الجامعي من يوم لآخر إلى كثير من الإهتمام
والتأطير ، وعيا بأن هؤلاء الطلبة هم نخب
البلاد ( في كل المجالات على اختلافها الثقافية
منها والمهنية والعلمية
والتكنولوجية ) وهم مستقبلها
... وبالتالي هم جديرون بكل الإهتمام والمساعدة ( إن لم نقل الإحتفاء أيضا بمعنى التمييز الإيجابي ) . ووعيا
أيضا بأن أفضل إستثمار كما يدرك جميعنا ، هو الإستثمار
في الموارد البشرية .
- نبحث اليوم مسألة على غاية
كبيرة من الأهمية ومن الجدية باعتبار تأثيراتها الحاسمة على الطرفين : الطلبة
والمجتمع ، فكيفما نعامل هؤلاء اليوم ، يكون فعلهم وتأثيرهم في المجتمع غدا ، أي
في القريب العاجل باعتبار قرب تخرجهم وقصر المدة التي يقضونها في الجامعة .
- وستتركز مشاركتي على الحياة
الجامعية ، أي أن محور الإهتمام لن يكون الجانب البيداغوجي الذي هو من مسؤوليات
الأستاذ داخل القسم وفق برامج ومقررات وطرق بيداغوجية خصوصية لسنا في مجال بحثها
أو الإشتغال عليها .
بل نحاول أن نشتغل على مختلف جوانب الحياة الجامعية ، ثم على وضع الطالب فيها وما يمكن أن نقترحه لتطويرها من إجراءات .
1 - معنى الحياة الجامعية :
أ - التعريف :
- هي مجموع الأنشطة التي تجري
خارج القسم مع البقاء بالتأكيد داخل الإطار
الجامعي أي ملتزمة بغاياته وأهدافه وبقيمه وقوانينه ومحدداته . ونكرر مجددا أنه ليس من أهداف مداخلتنا ولا
من إهتماماتها الخوض في المسائل البيداغوجية التي هي من إختصاص الأستاذ وحده ، حتى
وإن كانت لنا نوافذ عديدة عليها ، خاصة من زاوية العلاقة التربوية .
- هي كل ما هو غير تعليم صفي ، لكنها تبقى إمتدادا للتعلمات في الأقسام ودعم وتهيئة لها ، وتمثل إطارا
مناسبا لتحقيق عديد الأهداف التربوية المنشودة . إنها مداخل لتوفير ضمانات نجاح إضافية للجهد البيداغوجي المبذول داخل
الأقسام ، ومن يعتقد أن درسه يمكن أن ينجح ويحقق كافة أهدافه بمعزل عن الحياة الجامعية
فهو واهم ومجانب للصواب ... .
ب – أهداف الحياة الجامعية :
تتمحور الحياة الجامعية على
تحقيق مجموعة من الأهداف الحاسمة لتأكيد فاعلية التكوين الجامعي ( في صيغته
الشمولية ) وتجويده والإرتقاء بآداء المنظومة التربوية ، ومنها :
-
تنمية شخصية الطالب ( وليس معلوماته فقط ) وتطوير مواهبه ( بخلق الدافعية لديه وإتاحة الفرص وتوفير
التأطير وضمانه ) .
-
تعويد الطالب على التمرس بالعيش الجماعي وبقواعده
الحضارية والأخلاقية الصحيحة . وغرس القيم
السامية لديه ( مثل قيمة العمل والمثابرة والمبادرة ( وليس انتظار التكليف
) – الموضوعية – الحوار – الإقناع – الوعي
– السلوك الحضاري - الإحترام – التطوع – تحمل المسؤولية والتعويل على النفس –
التنظيم والتخطيط والبرمجة على أساس مشاريع وإمكانيات وفرص ... الخ ) ، أي اكتساب مجموعة من الكفايات الأفقية الضرورية لكل
المجلات .
-
إستغلال الزمن غير المخصص للتعلمات واستثمار العناصر الإيجابية المتوفرة في المحيط بما
يسهم بنجاعة في تحقيق الأهداف المرسومة للحياة الجامعية .
-
تنظيم النشاطات الثقافية والإجتماعية داخل
المؤسسة .
-
تطوير صيغ التعاون مع الهياكل والجمعيات ذات العلاقة
( التربوية والعلمية والثقافية والرياضية والإجتماعية ... الخ )
ج – خصوصيات الحياة الجامعية
- كما تعتبر هذه المرحلة من أخصب مراحل العمر إذ يتعامل
فيها الطالب مع تخصصات جديدة ومعارف عميقة ومفصلة يبني بها ذاته على
أسس متوازنة ومتكاملة ، كما يخطط لمستقبله برؤية أكثر موضوعية وبمسؤولية ،
إضافة إلى إمكانية ربط علاقات ثرية مع أفراد مختلفين ومع أوساط مفيدة
وفاعلة .
- الخاصية الأعظم للحياة
الجامعية التي تجعل منها حلما لكل تلميذ في المرحلة الثانوية ، ولغيره أيضا ، هي الإستقلالية والحرية التي تعطي فرصة لتأكيد
الذات ووضع اختياراتها موضع تنفيذ . فهي توفر مجالات
واسعة لنمو شخصية الطالب والإحساس بكيانه بما يرتقي بها إلى مرتبة الحلم والطموح . هذا إضافة إلى ما توفره من تكوين أكاديمي متين يضمن إندماجا ميسرا في الحياة
العملية ويكون مصعدا للإرتقاء الإجتماعي .
- تغير
في طبيعة الدراسة يمكن أن يؤثر في شخصية الطالب ويسهم في تغيرها : إختلاف
في البرامج والمقررات وفي نظام الدراسة وطرقها . تعطي فرصا
أكثر للطالب للمشاركة في إعداد الأنشطة التي تبرمجها الجامعة . فتتيسر له
بذلك الإستفادة من الدورات والورش لتزويد نفسه بالمهارات والخبرات والمعارف التي
تساعده على تحقيق نتائج متميزة .
- بيئة الجامعة تعطي الطلبة
مجالا أكبر للحرية ، وفي نفس الوقت مسؤولية
أكبر في اختيار التخصص ، أو التصرف في أوقات الفراغ ، أو حضور المحاضرات
والأشغال التطبيقية والمسيرة أو الغياب بنسبة معينة .... الخ . والمشكل أن عديد
الطلبة ، وخاصة حديثي العهد بالحياة الجامعية ، لا يحسنون التصرف دائما في هذه
الحرية بما يضمن لهم الإستفادة منها .
* جوانب
الشخصية المستفيدة من الحياة الجامعية :
- هناك ثلاث جوانب رئيسية
في شخصية الإنسان ينبغي أن يتم بناؤها بشكل متكامل ومتوازن بما يجعله يتصرف
بالإعتماد على نفسه في مختلف المواقف الحياتية وهي :
أ - الجانب المعرفي le savoir : ويتعلق بمقدار
المعلومات والمعارف التي يكتسبها الطالب خلال
دراسته بالمؤسسات الجامعية بصورة مقصودة وما يتعلمه من الخبرة الحياتية بشكل غير
مقصود وتساهم في تغيير سلوكه وإضافة ملكات معرفية
جديدة إلى حصيلته العلمية والثقافية . ومن العناصر الأساسية لتنمية هذا
الجانب نجد الأستاذ الجامعي صاحب الدور الكبير والمؤثر أو المميز في تكوين
شخصية الطالب المعرفية وتنمية مواهبه . وهو يوظف في ذلك رصيده العلمي والبيداغوجي
وتأثيرات شخصيته المعنوية .
ب - الجانب الوجداني le savoir être :
الذي يتمثل في أفكار الطالب وآرائه واتجاهاته وميوله
ومعتقداته ونظرته لمختلف القضايا الحياتية التي يتعايش معها بصورة مستمرة .
وتجب تنميته باتجاه تعديل وتطوير سلوك الطالب بما يتماشى مع خصوصيات شخصيته في
علاقتها بمحيطها القريب والبعيد . ومن المهم
جدا أن يكون للطالب رأي صريح وجريئ وموقف محدد وإيجابي . وأن يكون قادرا على إبداء الرأي في الوقت المناسب . ومن المهم كذلك
أن تساهم الجامعة بصورة فاعلة في تنمية روح المواطنة
وحب الوطن ونبذ العنف والتطرف . وأن تنمو لديه
أيضا روح الإلتزام بقضايا وطنه .
ج - الجانب المهاري le savoir faire : أو ما يسمى بالجانب العملي
الذي يتعلق بقدرة الطالب المهارية على التعامل مع
المواقف التي تتطلب القدرة على أدائها بصورة عملية . وهذا مهم جدا خاصة في
ظل ما يشهده الواقع من ثورة علمية وتكنولوجية شملت
جميع مفاصل الحياة وألقت بظلالها على جميع مواقع العمل والإنتاج . وهنا لابد من تطوير برامج تدريبية تكون موازية للتدريس النظري ومكملة
لتزويد الطالب بالمعلومات العملية الضامنة لتنمية هذا الجانب وتكون مسايرة للتطور العلمي والتكنولوجي في العالم وبما
تتطلبه هذه البرامج من تربصات ومن أحدث المستلزمات التدريبية من الأجهزة والمكائن
والمعدات في مختلف التخصصات . ولا ننسى هنا تنمية المهارات
الرياضية والفنية أيضا لدى الطلبة من خلال إقامة
الأنشطة الرياضية التي تساهم بفعالية في منح القدرة والقوة على العمل
والصحة الجيدة ، ومن خلال الأنشطة الفنية بالمعارض
والإنتاجات المهذبة للذوق الجمالي وللحس العام (1) .
- كما تتسم المرحلة الجامعية
بتخطي اهتمامات الطالب ذاته ومحيطه
القريب إلى الإنشغال بالشأن العام بكل ما يخص المجتمع
والوطن ، بل وحتى التطلع إلى الوقائع الكونية
أحيانا بغية أن يكون له رأي فيها وموقف منها : تنظيم تظاهرات المساندة والوقفات
وإمضاء العرائض وتحشيد الدعم للقضايا الإنسانية .
2 – واقع الحياة الجامعية :
أ – ظروف الطالب وتفاعلاتها :
§ موعدها : اثر الخروج من المرحلة الثانوية بأتعابها
وبآمالها وأحلامها وطموحاتها التي تحتل فيها الجامعة مرتبة الصدارة والأولوية التي
تجنّدت لها عديد الأطراف وليس الطالب وحده . إذ تعلن من أجلها الطوارئ بالمنازل
وبميزانيات الأسر وفضاءاتها . لكن ذلك سرعان ما يصطدم بمكونات متداخلة وبشروط نجاح
معسرة ووضعيات دراسية وجامعية لم تخطر لهم على بال .
§ واقع الطالب الذي
يلتحق بها : اثر الخروج (
نسبيا ) من فترة المراهقة وواقعها المتشابك الذي قد لا يترك له الفرصة الكافية للتفكير
المتعمق في مستقبله وقد لا يبدأ التفكير الجاد إلا متأخرا . بل هنالك من لازال
يعيش بعض ترسبات هذه المرحلة ، فنرى عنده التردد
والخوف وغياب المبادرة... ونرى من لازال يختار العزلة والانسحاب وتعوزه
القدرة على الإندماج مع محيطه .
§ مكوناتها
وعناصرها : معقدة ومشتتة
المرجعيات المسؤولة مقارنة بما تعود به التلميذ في الثانوي : - الجامعة – مؤسسة
الدراسة ( كلية ، معهد ، مدرسة ، ... في اختلاف وحتى تناقض مع التمثل الذي
أوجده الطالب منذ الثانوية مع هذه المرحلة ) ديوان
الخدمات الجامعية ، طب جامعي ( تشتت الخدمات ) – الإدارة
– المجلس العلمي ، القسم العلمي le département ... الخ
§ صعوباتها
وتحدياتها بالنسبة للطالب
:
ü فقدان التواصل مع الأتراب وزملاء
الدراسة في المرحلة الثانوية أو انحساره أي مع المحيط الأسري والتربوي والإجتماعي الذي
نشأ فيه : أي الحنين إلى الجميع وإلى الأسرة
والحي / القرية / المدينة ( الموطن ) ، الشعور بالغربة وبالعزلة والوحدة بالنسبة
للقادمين من بعيد ( والغرباء عن الجهة ) باعتبار الجامعة تستقطب طلبة من جهات
مختلفة ومتباعدة .
ü هذا يخلق مشكل عدم التكيف مع الواقع الدراسي الجديد وصعوبة
الإندماج وفقدان الدعم والمساندة ، وهذا خطير جدا لأن بعض الطلبة يتراجعون ويتخلون
عن أهدافهم
ü إدارة الوقت ومواجهة نسق الدروس وفترات ضغط
دراسي يعسر معه أداء الواجبات والإلتزامات الدراسية الأخرى . ( مثلا
الدراسة كامل الأسبوع بشكل غير معتاد بما في ذلك مساء
الجمعة والسبت وإلى ساعات متأخرة أحيانا غير
متناسقة مع توقيت الحافلات ووسائل النقل المدرسي أومع الأنشطة التي يرغب
الطالب في متابعتها أو المشاركة فيها ) .
ü صعوبة استعمال بعض الآلات
والتحكم فيها .
ü عدم التمكن من لغة الدراسة
والمطالعات ( مثل الأنجليزية والفرنسية ) وتعسر الفهم
بها (1) .
ü الإنشغال المفرط بالمستقبل غير
المطمئن والتفكير في ما بعد التخرج ( الشغل ، السفر ، الحصول على فرص في حجم
التضحيات والأتعاب ، الحياة الأسرية والإجتماعية .... الخ )
ü الإنشغال بالواقع الإجتماعي
والسياسي المتقلب والذي ينذر يوميا بالنتائج الكارثية على جميع المستويات .
ب – خصوصيات الفضاء الجامعي :
واقع المكابدة والمعاناة التي تكاد تقضي على الطموح
وتكاد تعصف بالأحلام لولا نضالية الطلبة .
§ الواقع
الإداري : تعقيدات
ومحدودية محكومة بالإمكانيات ( المنح ، السكن ، التنشيط ، المشاريع ، التبادل ...
)
§ واقع
العلاقة التربوية : مع
الأساتذة وعملية التواصل معهم ( كثيرون منهم يقومون بالتدريس وليس بالتأطير ، أي
علاقة عمودية يقع التمسك فيها بكلاسيكيات تربوية متجاوزة ممركزة حول الأستاذ ... )
.
- هيمنة الممارسات التدريسية
القديمة المبنية على فلسفة تربوية تقتصر على استقبال الطالب وتزويده بالمعارف
والمعلومات التي تنمي الجانب المعرفي لديه فقط ، دون
عناية تذكر بالحياة الجامعية التي نحكي عنها ودون إهتمام بالجوانب الأخرى
في شخصية الطالب .
§ واقع
الفضاء الجامعي :
- هو فضاء يفتقر إلى عناصر الدعم
التربوي المطلوبة مثل النوادي التي يديرها المختصون والتي تضمن الإضافة والإثراء وتضمن التهيئة النفسية للطلبة وإعدادهم أو مساعدتهم على استئناف
النشاط العلمي بكل حيوية وتحفيز ، وتضمن سلامة
الفضاء وخلوّه من الأمراض الصحية والإجتماعية .
-
هو فضاء الدعاية والإستقطاب السياسي والتوظيف
الإيديولوجي بما يجعله فضاء مستباحا من طرف السياسيين والعناصر الخارجية من
الديماغوجيين الباحثين عن الأنصار وعن العناصر الحركية المهيئة لتبني أطروحاتهم
وتنفيذ طلباتهم وتجسيد مخططاتهم . فيتحول هنا الطالب إلى رقم أو إلى فرصة ، أو
كائن يشحن ويدفع في هذا الإتجاه أو غيره ، وهذا يشتت الإهتمام بالتأكيد ويخلق مناخا
جامعيا متوترا وفضاء غير سليم لا تتوفر فيه فرص التواصل السليم وضماناته .
-
فضاء تستهدفه مرجعيات أصولية مقدسة مرتفعة عن
النقد والتساؤل والتقييم : إما قداسة دينية أو قداسة فكرية مكتسبة بنسبتها إلى
مصادر متنفذة فكريا صارت معها شبيهة بالأصنام المعبودة . وهذا يعني أن الأصولية هي
يمينية ويسارية على حد سواء
-
يسوده خطاب متشنج : هؤلاء هم الخطر عينه
وخطابهم مليء بالمغالطات والتحريض والتوظيف والتلاعب بالعقول .
ويلتقي كلامنا هذا مع عديد البحوث والدراسات الميدانية
المجراة عن الحياة الجامعية إذ تشير كلها
إلى أن طلبة الجامعة " يواجهون ضغوطات نفسية
مختلفة نتيجة للعديد من المتطلبات والأعباء الملقاة على عاتقهم ، مثل المتطلبات الأكاديمية التي تتعلق بالإستذكار
والتحصيل والإمتحانات ، والمتطلبات ذات الطابع
الإقتصادي التي تتعلق بالرسوم والمصاريف الجامعية الباهظة ، والتكاليف
الأخرى " .
كما " أكد البعض أن طلاب الجامعات يعانون مواقف
وأزمات عديدة تتمثل في مواجهة الإمتحانات ، والعلاقات مع الزملاء والأساتذة والمنافسة من أجل
النجاح، والمشكلات العاطفية ، والتعامل مع
مقتضيات البيئة الجامعية وأنظمتها وقوانينها
وما تفرضه من قيود على حركتهم وحريتهم
" (2) . فهل طلبتنا محميون من ذلك وغير معرضين له .
* ملاحظات أكاديمية إضافية :
في دراسات ميدانية عن واقع الطلبة تمّ تشخيص مجموعة من
الصعوبات مثل :
- صعوبات تعليمية
-
صعوبات بين شخصية تفرز شعورا بالوحدة وانحسارا في حجم الشبكة الإجتماعية وتقليص
الإتصالات .
-
اضطراب في التوافق الإنفعالي
-
ضعف في الفاعلية الذاتية ( النتائج )
-
عدم الشعور بالأمن العاطفي والإستقرار النفسي
-
نقص في المهارات الإجتماعية اللفظية وغير اللفظية وفي القدرة على التواصل
-
ضعف القدرة على مواجهة التحديات ( هشاشة نفسية وإمكانيات محدودة )
-
الشعور بالفراغ الإجتماعي : عدد أصدقاء أقل + مشاركة اجتماعية أقل أيضا في
المناسبات .
-
الحاجة إلى مزيد المساندة الإجتماعية
لتحسين القدرة على التفاعل في مواقف الحياة المختلفة وتحسين مستوى الصحة النفسية
لديهم والقدرة على مواجهة الضغوط وزيادة القدرة التكيفية والشعور بالأمن
والإستقرار العاطفي (1) .
3 – الحلول ومجالات التطوير :
أ – في المستوى العام
يعتبر تطوير الحياة الجامعية ضرورة ملحة ومدخلا للإرتقاء
بالنتائج وبدخول التقييمات الجامعية العلمية المحلية والدولة ، وهذا يحمل
المسؤولية للجميع ويدعوهم بإلحاح إلى :
§ إعادة بناء العلاقة
التربوية مع الأساتذة وتطويرها في اتجاه استيعاب المستجدات التربوية
المتحولة من التواصل العمودي الممركز حول الأستاذ والمعرفة إلى التواصل الأفقي
الممركز حول الطالب في إطار بيداغوجيا فارقية تجيز لكل طالب التقدم حسب إمكانياته
وقدراته . خاصة وأن الشباب لم يعد يستسيغ أسلوب التلقين والتلقي ولكنه يرغب في
المشاركة العملية المباشرة في كل ما يقدم له . فبعد أن " عمت " المعرفة
وانتشرت في عديد المحامل التي تفوق الأستاذ وتتفوق عليه من حيث إمكانيات التبليغ
والجاذبية المبنية على الإبهار وعلى الصورة والإضاءة وعلى تداخل الألوان بما
يجعلها محبذة من قبل الطلبة وإقبالهم عنها مكثف أكثر .
ماذا بقي للأستاذ إذن ؟ في علاقة بالطالب ، بقي له التأطير والإحاطة بطلبته
في إطار مرافقة بيداغوجية تيسر الولوج إلى عوالم المعرفة بمختلف محاملها
والإستفادة منها . فيجرهم إلى غياهبها بشكل سلس ومشوق . فنصل بذلك إلى الأستاذ
الميسر لاكتساب المعرفة quelqu’un
qui facilite l’acquisition du savoir et non pas qui diffuse le savoir .
أما داخل مراكز ووحدات البحث ، وفي إطار علاقته بالمعرفة ، يكون جهد
الأستاذ موجها إلى إنتاج المعرفة بالأشكال والمضامين والصيغ التي يستسيغها الطالب
ويتفاعل معها أكثر ويقبل عليها بكثافة . وفي ذلك شكل آخر أيضا من المرافقة
البيداغوجية .
§
الحل أيضا في انفتاح الفروع
الجامعية على بعضها أولا وانفتاحها جميعا على المحيط ثانيا وعقد شراكات مع مكوناته
ذات العلاقة لتنظيم أنشطة مشتركة فكرية
وترفيهية ورياضية واجتماعية .... الخ
* الآليات الضامنة
للتواصل الموفق
§
تطوير الحياة الجامعية وتوفير فرص الدعم البيداغوجي والنفسي والمادي عبر آليات وتقنيات :
- المرافقة
البيداغوجية التي ذكرنا بعض أشكالها سابقا والتي هي من مهام الأستاذ واختصاصه ثم
المرافقة النفسية والإجتماعية والصحية .... الخ التي هي من شأن المختصين في هذه
المجالات .
- الحوار بشكل راقي عماده
الإحترام والتقدير والسلوك الحضاري وغايته
التحفيز وشحذ العزائم واستنهاض الهمم ودعم الثقة بالنفس .
- الإصغاء الذي يضمن فسح الفرصة
أمام الطلبة للتعبير عن آرائهم وتبليغ مشاغلهم واقتراحاتهم وعرض مبادراتهم في
مختلف مجالات حياتهم الجامعية وذلك اقتناعا بأن التعبير عن المشكل والتصريح به
يمثل جزءا من الحل ومدخلا أساسيا إليه .
- التفهم أي الوعي بمكانة
الطالب وبمشاغله النفسية والعاطفية والفكرية ... والإبتعاد عن الإدانة والتجريم
ونبذ الإستقطاب والتوظيف السياسي والفكري الذي يزيح حرية الشخص ويسقط اختياراته
الشخصية ...
§
بعث وتعميم مكاتب وخلايا
يديرها مختصون لتؤمن مثل هذه الخدمات وتؤطر أنشطة الطلبة
§
إعطاء الثقة في الطالب وتمكينه من آليات المبادرة
الشخصية لإدارة النوادي وتسيير الأنشطة إن فقد
المختصون والمشتغلون بذلك أو إشراكه في ذلك بمعيتهم أيضا وتحت إشرافهم حتى يكتسب
الخبرات اللازمة ويثق بنفسه وبقدراته . وذلك عملا بالقول المأثور لقاسم أمين : " أقل مراتب العلم ما تعلمه الإنسان من الكتب والأساتذة
، وأعظمها ما تعلمها بتجاربه الشخصية في الأشياء والناس "
§
إحياء الطموح وإنعاش الأمل : إعلام الطالب أن ما يمر به من صعوبات
وتفاعلات نفسية وعاطفية سلبية أمر طبيعي ، مثل عديد الطلبة المحيطين به ، وأنه وضع
ظرفي لن يدوم ، فقط كن صبورا وغير توقعاتك .
§
تحييد الحياة الجامعية عن التجاذبات الخارجية أقصى ما
يمكن وتجنيبها الإختراقات والتوظيف بالبرمجة وملئ الفراغات .
§
قطع الطريق أمام الإستقطاب بالتعمق في التثقيف والمواجهة
الفكرية . وتزويد الطلبة بآليات التقييم والمحاججة العلمية المستندة إلى المدعمات
والمراجع الصحيحة وبالتصدي القانوني أيضا إلى مثل هذه الممارسات ومنعها كليا داخل
الحرم الجامعي .
ب – في المستوى الخاص ( أو ما يستوجب على
الطالب ذاته ) :
إن تطوير الحياة الجامعية والإرتقاء بوضع الطالب فيها لا
يعفيه هو ذاته من المسؤولية بل يستدعي منه ذلك الإتصاف ب :
§
الحيوية والمبادرة
عبر السعي إلى التعرف على الإلتزامات الدراسية المطلوبة والتهيؤ لها مسبقا وفي
متسع من الوقت لتوقي المفاجآت غير المتوقعة ، ومنذ المرحلة الثانوية
§
الإطلاع على الخدمات المتوفرة بالجامعة
والمسخرة لمساعدته للتغلب
على التحديات
§
المشاركة في الأنشطة المدرجة بالجامعة أو بالمبيت والتفاعل مع
الآخرين .
§
الإتصال بمكاتب الإرشاد
الطلابي للإستفادة بنصائحهم وبمساعداتهم على التكيف بسهولة وبسرعة وعلى
الوعي بالقدرات والمؤهلات الشخصية وعلى رسم المشروع الشخصي وتدعيمه وتعديله إن
إستوجب الأمر حسب المستجدات ، للخروج من حالة التردد التي يعيشها ، إذ من غير
المنطقي أن يقترب الطالب من مراحل تعلمه النهائية وقرب استكمال تكوينه وهو لم يرسم
بعد مخططا واضحا لمستقبله ولحياته . وهذا ما تأكدنا منه ميدانيا في بحث سابق لنا
عن تأثير الاختصاصات والمهن الجديدة في المشاريع الدراسية
لطلبة المعهد الأعلى للإعلامية والملتيميديا بقابس حيث أكد %8.23
فقط أنهم يملكون مشاريع مستقبلية نهائية . بينما لاحظ %29.42
أن تصوراتهم للمستقبل عامة وغير مدققة في تفصيلاتها . أما %58.82
من المستجوبين فأكدوا أن تمثلهم للمستقبل جزئي أي تفكير في التخصص الدراسي فقط دون
حسم للجانب المهني .(3)
§
أما الطلبة المقبلون على التخرج فعليهم التواصل مع مراكز
التشغيل ومؤسسات الإعداد المهني للإطلاع على الفرص الممكنة ولمتابعة دورات تدريبية
على المقابلات الشخصية وعلى " التسويق " الشخصي وكتابة المطالب
والبطاقات الشخصية CV
والحصول على رخصة السياقة التي أصبحت مفروضة في بعض الإنتدابات .
§
وفي نفس الإتجاه يستدعي تطوير
الحياة الجامعية أن يكون للمؤسسة الجامعية مشروع يشخص وضعها كله ويرسم كل شيء ويوجد
الحلول ويبرمجها ويوفر لها الإمكانيات .... كما يجب أن يكون للأستاذ مشروعه
التربوي الخاص وللطالب أيضا .
خاتمة
نتأكد في نهاية
هذه المداخلة من أن الحياة الجامعية هي عبارة عن شبكة تواصلية كبيرة ، متداخلة إلى
حد التعقيد أحيانا ، لذلك يتهيبها عديد الطلبة ويترددون في ولوجها
واقتحامها ، ولذلك أيضا يفشل الكثيرون في التأقلم معها والإستفادة منها ،
ويعمدون إلى الإنسحاب منها خاصة في سنتهم الأولى : البعض في هدوء وتخفي والبعض
الآخر ينسحب في ضجيج وصخب يندب فيه حظه ويلقي خلاله المسؤولية على الأطراف الأخرى
التي عسرت وجوده داخل الجامعة وأخضعته لعملية إنتقائية قاسية .
ولذلك ثالثا تستدعي الحياة الجامعية جهدا
إندماجيا مضاعفا من قبل الطالب ومن قبل المسؤولين ، جهدا يتجسد في فرصة سنوية
للإندماج تنتظم في بداية السنة الجامعية خلال أيام متتالية ، تقام فيها المحاضرات
والمداخلات التفسيرية لعناصر وتفاعلات هذا الواقع الجديد . كما تفتح فيها الأقسام
والمخابر والورشات والمكاتب والمكتبات أمام جميع الطلبة الجدد ، في إطار زيارات
موجهة guidées من طرف أدلاء من ضمن المسؤولين
الإداريين والطلبة القدامى . كما يجلس فيها الأساتذة في أقسامهم والمختصون
النفسيون والإجتماعيون في مكاتبهم لاستقبال الطلبة ومحاورتهم في هذه التحولات وفي
شروط الإندماج والتأقلم في هذا المحيط الجديد .
هذا تصورنا ليوم الطالب الجديد الذي يجب أن يبرمج في شكل
أيام مفتوحة ( أو أسبوع مفتوح ) برمجة جدية ثرية ومدروسة يشرف عليها المسؤولون
والمختصون وتقام فيها المعارض والعروض المرئية والحفلات الإستقبالية ، وليس يوما
صاخبا بالمراقص كما تعود بعض الأطراف على تنظيمه حاليا .... الخ ) .
الهوامش :
* مقياس NCATE الاعتماد المهني لمؤسسات التكوين
الجامعي للمعلمين المؤهل للحصول على الإعتراف الأكاديمي من المجلس الوطني الأمريكي
لاعتماد كليات إعداد المعلمين ( national council for accreditation of
teacher education ) مكون من ستة معايير تضم : 1
1. البرامج المقدمة ومدى جودتها بتمكينها الطالب من
اكتساب المهارات والمعارف التي تنمي شخصيته بشمولية وتؤهله في حياته العلمية
والمهنية .
2.
نظام التقييم والتقويم ( للطالب من جهة وللمؤسسة ولبرامجها وآدائها من أخرى ) .
3.
الخبرات الميدانية والتربصات
4.
التنوع في البرامج وفي مراحل التعليم وفي الطلبة
وخلفياتهم .
5.
أعضاء هيئة التدريس ومدى تأهلهم الأكاديمي (
التخصص ) والتربوي ( مقاييس وضوابط إنتدابهم ) وأدائهم وتنميتهم المهنية ( خضوعهم
للتقييم ومتابعتهم لتربصات الرسكلة والتأهيل )
6.
الإدارة والموارد ( نوعية البناية والتجهيزات
والخدمات وضمانات الأمن والسلامة للطلبة وللمدرسين )
المراجع :
1 – د. عرفات صلاح شعبان ، أحداث الحياة الضاغطة والشعور
بالوحدة النفسية لدى الطلاب المكفوفين - د . هشام فتحي جاد الرب و– المجلة
التربوية عدد 105 ديسمبر 2012 – جامعة الكويت
2 – فهمي حسن فاضل ، استراتيجيات مواجهة أحداث الحياة
اليومية الضاغطة لدى طلاب الجامعة المتفوقين والمتأخرين دراسيا .... مجلة العلوم
الإجتماعية عدد 3 – 2012 – جامعة الكويت .
3
– محمد رحومة ، تأثير الاختصاصات والمهن
الجديدة في المشاريع الدراسية لطلبة المعهد الأعلى للإعلامية والملتيميديا بقابس –
2004 ( بحث ارتقاء غير منشور )
- محمد رحومة ، التوجيه الجامعي عن بعد أو
الإلكتروني www.orientation.tn : واقعه ، قيمته ،
آفاقه – 2013 ( بحث إرتقاء غير منشور )
محمد رحومة
مستشار عام في الإعلام
والتوجيه المدرسي والجامعي
المدرسة الوطنية
للمهندسين بقابس – 09 ديسمبر 2016
ü أتعلم كيف أعرف apprendre à connaitre
ü أتعلم كيف أعمل apprendre à faire
ü أتعلم كيف أكون apprendre à être
ü أتعلم العيش الجماعي apprendre
à vivre en commun
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire